شهد العام 2020 ظهور الكثير من الأبطال على الخطوط الأمامية والذين كانوا جزءاً من نجاحنا في تجاوز هذه المحنة من خلال تضحياتهم في سبيل حماية مجتمعنا وسلامتنا بكل إيثار. تعود الممرضة زينب أحمد فهيم بالذاكرة للحظة التي قررت فيها أن تبدأ حياتها المهنية في هذه المهمة الإنسانية والتي تفصلها عنها عقود خلت، تستعيد لحظة جلوسها إلى جانب سرير والدها في المستشفى، ودهشتها الممزوجة بالإعجاب من تفاني الممرضات وإخلاصهن في الحفاظ على حياة الناس، والاحترام الكبير اللائي حظين به من المرضى وأسرهم ومن كل الطاقم الطبي.
وتقول زينب: " كان والدي يقول دائمًا إن الملائكة تَحُفُّ الممرضات. وكان يحلم بأن تصبح أحد بناته ممرضة. وتخصصت أخواتي كلهن في مجال التجارة والأعمال، أما أنا فقد حققت حلمه".
كرم مكتب فخر الوطن زينب البالغة من العمر 52 عامًا، بعد رحلة عطاء ممتدة لأكثر من ثلاثة عقود من العمل كممرضة في دولة الإمارات، وذلك ضمن تكريم ودعم المكتب لأبطال الخطوط الأمامية لقاء ما بذلوه من جهود استثنائية لحماية صحة الناس أثناء جائحة كوفيد-19.
حيث تتفانى زينب ومعها مختلف أفراد الطواقم الطبية أخصائيي الرعاية الصحية ومختلف العاملين في خط الدفاع الأول في الدولة في عملهم، سيما مع استمرار انتشار الحالات الإصابة بالفيروس، حيث تتواصل ساعات عملهم وتضحياتهم بحياتهم العائلية لمساعدة الآخرين.
وعن الأيام الأولى للجائحة تقول زينب: "لقد كان من الطبيعي بالنسبة لي أن أكرس نفسي لخدمة مرضاي عندما تم الإعلان عن انتشار فايروس كوفيد-19. وكمعظم الناس، شعرت حينها بصدمةٍ بالغةٍ كوننا لم نشهد وضعًا مشابهًا من قبل. وعلى نحوٍ يومي، كان يتم تزويدنا بمعلوماتٍ وتفاصيل جديدةٍ عن المرض الجديد الأمر الذي سبب لنا خوفًا يضاهي ذلك الناشئ عن المرض نفسه".
وتستطرد بقولها: "عندما أبلغني مستشفى أم القوين عن أولى الحلات المشتبه بإصابتها، اتخذت الإجراءات الضرورية على الفور، فقمت بالتواصل مع المريض وعرفته بنفسي وشرحت له التفاصيل المتعلقة بالإصابة بفايروس كوفيد-19، وسألته عن الأعراض التي يعاني منها، فأخبرني أنه يعاني من ارتفاعٍ بسيط في درجة الحرارة وأن نتيجة فحصه كانت إيجابية، فكان علينا أخذه للحجر الصحي، والحمد لله تعافى المريض ولا نزال نتبادل معه الرسائل".
استعانت زينب على مواجهة الجائحة بخبرتها الطويلة الممتدة زهاء الـ 31 عاما من العمل كممرضة في دولة الإمارات. حيث عملت في البداية في مستشفى القاسمي في الشارقة، في قسم الطوارئ والحوادث، لمدة سبع سنوات، ثم انتقلت للعمل في مركز السيطرة على الأمراض المعدية في مجمع الطب الوقائي في إمارة أم القوين، وتعمل به حتى هذه اللحظة. حيث تتولى مسؤولية متابعة كافة الأمراض المعدية في الإمارة، إلى جانب الإشراف على التطعيمات والأمراض السارية وهو ما أفادها في مواجهة كوفيد-19.
وتشير زينب للعمل المتواصل الذي أسند إليها قائلة: "لم نكن نميز الليل من النهار. وبفضل الله تعالى لم أشعر لحظةً بالخوف، لا سيما كوني معتادةٌ على العمل مع الأمراض المعدية، كنت أستريح لتعافي المرضى. ومدحني زملائي ورؤسائي وأشعروني بأني مهمة، كانوا يقولون لي: "يلا زنوبة ...ما شاء الله". لقد رفعوا روحي المعنوية في عز حاجتي لذلك".
وأرادت زينب رد الفضل لأهله فشكرت زوجها على تحمله اشغالها عن البيت وتفرغها لمواجهة الجائحة فقالت: " أشعر بالامتنان الأكبر لزوجي لما قدمه لي من دعم، ولعائلتي التي حفزتني وشجعتني على مواصلة التقدم. كنت أنسى أن آكل في بعض الأحيان، ولم يكن باستطاعتي غض الطرف عما يحدث في بيتي مع عائلتي. عندما كنت أعود إلى المنزل، كنت أبقى في غرفةٍ منفصلة وأستخدم حمامًا منفصلًا على سبيل الاحتياط. وواصلت الدعاء قدر الإمكان".
وإدراكا لمدى أهمية نشر الوعي بين أفراد المجتمع وتثقيفهم حول المرض، عملت زينب وقتاً إضافياً في الأماكن العامة حيث ذهبت لمراكز التسوق والمكاتب لاطلاع الناس على سبل الوقاية من فايروس كوفيد-19، كما ذهبت أيضًا إلى مخيمات البناء لتعزيز التوعية بسبل تفادي الإصابة. وأدى تفانيها الشديد في أداء عملها لتلقيها خطابات شكر وتقدر من قادة الدولة ولتكريم مكتب فخر الوطن لها، في إطار سعى المكتب لدعم الأبطال في خط الدفاع الأول مثل زينب وإظهار تقدير المجتمع لهم.
وحول التكريم تقول زينب: " لقد تأثرت كثيرًا لقيام هذه الشخصيات المرموقة والمهمة بتقدير مساهمتنا. فأنا مجرد ممرضة رغبت بمساعدة الناس، لكنهم قدروا عملي. وأفتخر بتمكني من تحقيق آمال والدي، إن مساعدة المرضى على التعافي تبعث بالمرء شعورًا جميلًا لا تصفه الكلمات. تشعر بأنك مسؤولٌ عن هؤلاء الناس".