من فهم احتياجات وتحديات الأشخاص أثناء عملهم من المنزل، وإلى التطلّع إلى الاحتياجات المستقبلية المترتّبة على عودة الأشخاص إلى مكان العمل، ما نكتشفه الآن هو مبدأ ما يناسب الفرد، لا يناسب الجماعة. "الجماعة" هي كلّ ما يتعلّق بأدوار الموظّفين - الإبداع والتفاعلات التلقائية والتعلم - وهي الأنشطة التي يواجه الموظفون تحدياً فيها في معظم الأحيان في ظلّ ظروف العمل المنزلي الجديدة هذه. بينما أنشطة "الفرد" المركّزة تبدو أفضل بكثير. ويمكن القول إن هذا لا يشكّل مفاجأة.
يتحدّى النجاح القوالب النمطية حيث يبدو أن ديموغرافيا جيل الألفية رقمياً هي الأكثر صعوبة من خلال إجراءات العمل من المنزل التي فرضتها ظروف فيروس كورونا المستجدّ. ونحن نقدّر أن غالبية هذه المجموعة تكافح للعثور على مساحة عمل مخصصة في المنزل. حيث تقول ستايسي ستيورات - المديرة الإقليمية لشركة هيرمان ميلر Herman Miller في الشرق الأوسط: "من خلال قاعدة بياناتنا العالمية، نحن نعلم أن الموظفين الذين تقلّ أعمارهم عن 35 عاماً يعلّقون بالفعل أهمية أكبر على أمور مثل التعلّم من الآخرين والتفاعل الاجتماعي غير الرسمي. ومن الواضح أن دعم هذه الأنشطة عن بُعد يعدّ أكثر صعوبة لأنه من الصعب العمل في عزلة إذا كان العمل ضمن فريقك يقوم على التعاون الوثيق. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد العديد من الأشخاص الذين يعملون من المنزل الآن على روابط شخصية وثيقة لديهم بالفعل مع زملائهم. بينما بالنسبة للأشخاص الجدد ضمن المؤسسة، قد لا تكون هذه الروابط موجودة."
إذا تأمّلنا في أبعاد العمل من المنزل من منظور المؤسسة، فإن الغالبية العظمى من الشركات التي نتحدث معها تفيد بأن فترة العمل من المنزل هذه أتت أفضل مما كان متوقعاً. وفي الفترة القادمة، قد تتمحور التحديات التي تشغل بال الجميع حول كيفية العودة إلى أماكن العمل الوظيفية مع الحفاظ في الوقت ذاته على صحة الأشخاص وعلى الإنتاجية؟ وهنا يتّضح أنه من الممكن فعلاً وضع استراتيجيات آمنة وفعّالة للعودة إلى مكان العمل، إذا ركزنا على كل من التكتيكات الذكية المؤقتة والحلول الشاملة طويلة الأمد. وبينما لا يوجد حلّ واحد يناسب الجميع - إليك بعض العوامل التي يجب مراعاتها عند عودة الأشخاص إلى مكان العمل:
إعطاء الأولوية لتدابير المجتمع الشمولي: على الرغم من الفائدة التي تنطوي عليها زيادة المساحة بين الموظفين تطبيقاً للتباعد الاجتماعي، فإن أماكن العمل هي في الواقع شديدة المرونة. إذ يمكننا الفصل بين المكاتب مسافة ستة أقدام أو مترين، ولكن لا يمكننا منع الناس من المشي إلى دورة المياه أو تناول القهوة في غرفة الاستراحة. ولهذا السبب، من المرجح أن تكون السياسات الشاملة مثل جداول العمل المخطّطة بدقّة والحدّ من عدد الموظفين في الموقع هي الأكثر فعالية.
الضوابط المادية:
- الحدّ من التفاعل الشخصي.
- التقييد أو الحدّ من المشاركة المكتبية.
- تنفيذ نظام صارم لتنظيف المكاتب.
- جعل ارتداء كمامات الوجه إلزامياً.
- السماح للأشخاص بالعمل من المنزل قدر الإمكان.
- مطالبة الأشخاص بغسل اليدين.
- مطالبة الأشخاص بملازمة المنزل عند المرض.
التصميم والضوابط البيئية:
- تقليل الكثافة البشرية.
- اعتبار وضع الحواجز المادية بين الموظفين عند الضرورة.
- زيادة معدلات التهوئة ونسبة دوران الهواء الخارجي.
- التنظيف والتعقيم بانتظام.
الرقابة الإدارية:
- إعادة توزيع المسؤوليات للحدّ من الاتصال بين الأفراد.
- استخدام التكنولوجيا لتسهيل الاتصال.
- اعتماد المرونة في ساعات العمل والاجتماعات.
- إغلاق المرافق طبقاً للمبادئ التوجيهية الحكومية.
مماشاة التيار: يمكن أن تؤثر إعادة تصميم طريقة توزيع الأشخاص عبر المساحة على كل من المسافة المحتملة بين الأشخاص ومقدار الوقت الذي يقضونه في أماكن معينة، ما يؤدي بالتالي إلى تحسين مستوى السلامة. ونحن نعتقد بأن هذا التفكير قد يكون مفيداً لمجموعة واسعة من المساحات في ظلّ وجود فيروس كورونا المستجدّ، من المصانع وإلى المستشفيات وحتى المكاتب.
استخدم البيانات لتحديد من يعود أولاً: بناءً على ما تعلمناه من دراسة توزيع الفرق والبيانات الأزلية المترتبة على أحوال العمل في ظلّ فيروس كورونا المستجدّ، يمكنك تحديد الفرق التي تتطلب أكبر قدر من التفاعل الشخصي، والأقل تمكيناً من منظور التكنولوجيا، والأكثر مواجهة للصعوبة في العمل في المنزل. امنح الأولوية لمساعدة هذه الفرق على العودة إلى مكان العمل.
التزم بإجراءات السلامة:
بدلاً من التركيز على الفواصل بين الموظفين، ستندمج أماكن العمل المستقبلية الناجحة بشكل أفضل مع ميزات السلامة التي لا تتهاون من ناحية الراحة والاتصال في مكان العمل. ومن الأمثلة على ذلك:
1. تحسين نوعية الهواء والتهوية.
2. زيادة قابلية الأسطح والمواد للتنظيف من خلال تصميم مبسّط
3. التقليل من عدد الإجراءات التي تتطلّب الكثير من اللمس من خلال تقنيات الإيماءات والتحكّم الصوتي والجدولة الديناميكية والخدمة عند الطلب
تصميم المساحات المادية حول العمل الافتراضي: يهدف هذا التصميم إلى التوصّل لعدد أقلّ من الاجتماعات الشخصية والمزيد من مكالمات الفيديو. فمع ظهور تقنية الاجتماعات الافتراضية بين شخصين، لن تكون غرف مؤتمرات الفيديو المخصصة لكثير منا حالياً مطلوبة دائماً. وبالتالي، من الضروري تصميم المساحات المادية لتتمحور حول العمل الافتراضي.