أعلنت العديد من الشركات أنها لم تعد تطلب من الموظفين العمل من مكتب بعد الآن، وبدلاً من ذلك كانت تقدم خيارات جديدة مرنة للعمل عن بعد.
تعمل بعض الشركات مثل Microsoft و UnitedHealth Group و Cisco على هذا النحو لسنوات عديدة ، ولكن اليوم بدأت العديد من الشركات في تتبع نفس النهج.
عندما تفكر في التطورات والإنجازات المختلفة للبشر على مدى السنوات العشر الماضية (مثل تسلسل الجينوم، والهواتف الذكية، ومنصات الوسائط الاجتماعية، واستكشاف الفضاء، والسيارات بدون سائق، والذكاء الاصطناعي والأتمتة.. إلخ) تصبح فكرة عمل الإنسان في مكتب من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الخامسة مساءً فكرة مضحكة جداً، وعفا عليها الزمن.
وربما يكون من السخرية أن تفشي جائحة عالمية هو ما تطلبه الأمر لجعل القادة في جميع أنحاء العالم يدركون أنه ربما حان الوقت لمواكبة التغيير والتطور ، وأن العمل من 9-5 أصبح مفهوماً قديمًا بعض الشيء.
لا يدرك معظم الناس أن فكرة العمل 40 ساعة في الأسبوع جاءت من هنري فورد في عام 1926. وقبل ذلك، كان الأشخاص الذين يعملون في الأعمال اليدوية يعملون لمدة أطول (من 10 إلى 12 ساعة في اليوم).
إن التوازن بين العمل والحياة لم يعد موجوداً
سارت هذه الفكرة جنبًا إلى جنب مع العمل من الساعة 9 صباحًا حتى الساعة 5 مساءً، وأوضحت أن الوقت قبل الساعة 9 صباحًا أو بعد 5 مساءً وقتًا شخصيًا وأن أي شيء ما بين 9 إلى 5 مساءً يعتبر وقت عمل.
ولكننا جميعًا نرى ونختبر بشكل مباشر أن العمل يندمج في الحياة وأن حياتنا مندمجة في عملنا. لم تعد هذه الأفكار القديمة تتناسب مع طبيعة الحياة وأفكارها وتطوراتها.
لماذا لا يستطيع الإنسان البالغ أن يقرر العمل بضع ساعات في الصباح، ثم يأخذ بعض الوقت لممارسة الرياضة، وقضاء بعض الوقت مع أطفاله، ليكمل عمله، ويُنهي ما يحتاج إلى القيام به في وقت لاحق في النهار أو في المساء؟
بالطبع.. نعلم جميعًا أن جائحة كوفيد قد أجبرت الناس في جميع أنحاء العالم على اللجوء إلى العمل الافتراضي ولحسن الحظ كان لدينا التقنيات لدعم هذا التحول.
إلى أين سنتجه؟
هل يعني ذلك أن المكاتب ستختفي وأننا جميعًا سنعمل من المنازل أو المقاهي؟ لا! في الواقع، هذه الفكرة اُقترِحت قديما ً ولكنها لم تنجح قطً.
إن التفاعل الشخصي له قيمة كبيرة من أجل التعاون والابتكار وبناء الفريق والثقة والسلامة النفسية والنمو والتنمية.
بقدر ما تكون التكنولوجيا رائعة، فهي لا تشبه تمامًا التواجد مع شخص ما وجهاً لوجه. لكن هل نحتاج إلى القيام بذلك لمدة 8 ساعات يوميًا بين 9-5؟ لا!
يعني هذا التحول أن المنظمات حول العالم ستصبح أكثر مرونة في طبيعتها. سيتم احتضان العمل باعتباره شيئًا تفعله، وليس كمكان تذهب إليه. هذا أمر لا بد أن يكون مثيراً بالنسبة لنا جميعًا.
ربما ستعمل بضع ساعات في الأسبوع من المكتب بعد ظهر كل يوم، وربما ستعمل 3 أيام في الأسبوع من المكتب في نوبات 12 ساعة.
هناك جانب مظلم
التكنولوجيا وقدرتنا على الاتصال دائمًا هو ما يسمح للعمل المرن بأن يصبح حقيقة واقعة ولكن الاتصال لا يعني أن تكون متاحًا، وهذا تمييز رئيسي نحتاج إلى تحقيقه وإلا سننتهي جميعًا بالعمل 16 ساعة في اليوم.
سيكون من الضروري أن يقوم القادة بتشجيع الموظفين على إنشاء حدود وأن يقوم الموظفون بإنشائها بالفعل. لمجرد أنك تستيقظ في الساعة 5 صباحًا وتذهب إلى الفراش في الساعة 11 مساءً لا يعني أنك بحاجة إلى العمل من الساعة 5 صباحًا حتى 11 مساءً حتى لو كنت متصلاً!
إن الشيء العظيم في العمل المرن هو أنه يسمح بمزيد من التحكم والمساواة والمشاركة والإنتاجية والمرونة ولكنه يسمح فقط بهذه الأشياء إذا تمكنا من إنشاء حدود وهو شيء يعاني منه معظم الناس.
نحن في طريقنا لمستقبل عمل مختلف، آملين أن نرى المزيد من المنظمات حول العالم تتحول إلى طريقة العمل هذه، مع دمجها بشروطٍ تتوافق مع العامل ورئيس العمل بشكل أنسب.