هل تساءلت يومًا عن تأثير ذكريات الماضي عليك؟ وخاصة السلبية منها؟ تخيل أنك تجلس مطمئنًا وفي حالة هدوء وفجأة تتذكر أنك ذات مرة فشلت في عرضك التقديمي، فما الذي سيحدث؟ الذي سيحدث هو أن حالة السلام والهدوء التي كنت فيها ستتلاشى بالتأكيد.
وفي هذه الحالة يمكنك أن تشعر بأن راحتي يديك تتعرقان، وضربات قلبك تزداد وأمعاؤك تصبح متقلبة، وهنا نقول لك أن هذا لا يحدث لك فقط، بل أن الخوض في الأفكار السلبية أمر يحدث لجميع البشر.
حقائق علمية
لطالما حرص الباحثون على فهم الأساس العلمي وراء أفكارنا السلبية، وفي عام 2006 نشر الباحثان إليزابيث كينسينجر من جامعة بوسطن ودانييل شاكتر من جامعة هارفرد ورقتهما البحثية الشهيرة حول "إعادة تجميع الذاكرة العاطفية".
وركزت التجربة على ذكرى بطولة الدوري الأمريكي لعام 2004 للبيسبول، حيث هزم فريق بوسطن ريد سوكس فريق نيويورك يانكيز، الذي تم اختياره لأنه يعتبر حدثًا مشحونًا للغاية، وتكونت الدراسة من 3 فئات:
- الإيجابية العالية (مشجعي ريد سوكس)
- السلبية للغاية (مشجعي يانكيز)
- المحايدة (المشاركون الذين لم يكونوا من مشجعي أي من الفريقين)
وأظهرت النتائج أن مشجعي الفرق التي سيكون الفوز أو الخسارة لفريقهم تجربة عاطفية للغاية سيتذكرون الحدث بشكل أفضل من المتفرجين المحايدين.
وهنا تبين الدراسة والنتائج التي صدرت عنها، أن الذاكرة العاطفية تم تذكرها بشكل أفضل من الذاكرة غير العاطفية، ليس هذا فحسب، بل لوحظ أن المجموعة السلبية وهم مشجعي فريق اليانكيز الخاسر، تذكروا تفاصيل أكثر عمقًا للحدث من المجموعة الإيجابية وهم مشجعو ريد سوكس، وهنا تم إثبات أن الذكريات السلبية والسيئة يتم تذكرها بشكل أكثر وضوحُا وأقل عرضة لتشويه الذاكرة على عكس الذكريات الإيجابية.
لماذا يتذكر الدماغ التجارب العاطفية بشكل أفضل؟
الهيكل الرئيسي في الدماغ المسؤول عن الذاكرة هو الحُصين، وهو عبارة عن هيكل صغير موجود في الفص الصدغي ويبدو أنه مهم لذكرياتنا طويلة االمدى، ومع ذلك فإن تذكر الذاكرة العاطفية لا يتطلب فقط الحُصين، بل يتطلب أيضًا اللوزة الدماغية ومناطق من قشرة الفص الجبهي.
واللوزة الدماغية هي بنية صغيرة على شكل اللوز في الدماغ تشارك بشكل أساسي في التحكم في العواطف، وخاصة تلك التي تنطوي على الخوف أو العدوان، وعندما يتم استدعاء تجربة عاطفية، فإن الجانب العاطفي للحدث يساهم فيه اللوزة الدماغية، وكلما كانت الذاكرة أكثر عاطفية، زاد نشاط اللوزة.
يعتقد العلماء أن مشاركة اللوزة وقشرة الفص الجبهي أثناء تذكر الذاكرة العاطفية يساعد في استعادة الذاكرة. يؤدي تنشيط اللوزة الدماغية والقشرة أمام الجبهية بسبب المشاعر إلى قيام هذه الخلايا العصبية المنشطة بإرسال نبضات إلى الحُصين. يُنظر إلى عدد كبير من النبضات المرسلة إلى الحُصين للمساعدة في الذاكرة وتقويتها. مع ذلك، فإن المسار الأساسي النهائي لتذكر الذاكرة العاطفية لم يتم فهمه بالكامل بعد.
لهذا السبب تتذكر بوضوح حصولك على “امتياز” أو “راسب” في اختبار قديم وبنفس السهولة تنسى ما إذا كنت قد أوقفت تشغيل المروحة بعد مغادرة الغرفة.