كشف تقرير جديد للبروفيسور "جاك بيبين"، عالم الأوبئة في جامعة شيربروك في كندا، عن منشأ مرض الايدز، مما يسلط المزيد من الضوء على نشأة المرض الذي أودى بحياة أكثر من 33 مليون شخص.
حتى الآن يعجز العلماء عن العثور على لقاح لفيروس نقص المناعة البشرية الذي يؤدي للإيدز، وعلى الرغم من وجود أدوية تمنع انتقال الفيروس وتعالج الأعراض، إلا أن إصابات فيروس نقص المناعة البشرية بلغت 1.7 مليون في عام 2019.
ووفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، كان البروفيسور جاك، يدرس أصل فيروس نقص المناعة البشرية منذ عقود، بحثا عن منشأة، ووجدت الدراسات السابقة أن فيروس نقص المناعة السيمياني الذي يصيب الشمبانزي انتقل لأول مرة إلى البشر في جنوب شرق الكاميرون في بداية القرن العشرين.
وأشارت الدراسات إلى أن فيروس نقص المناعة السيمياني يمكن أن يكون مميتا للشمبانزي ويتصرف مثل فيروس نقص المناعة البشرية، والفرق الوحيد بين الاثنين هو المضيف الذي يعيش بداخله.
وفي النسخة الجديدة من كتابه "أصل الإيدز"، خلص الدكتور بيبين إلى أن فيروس نقص المناعة البشرية من المرجح أن يكون قد أصاب جنديا يتضور جوعا في الحرب العالمية في بداية القرن العشرين، في الكاميرون.
ويعتقد بيبين أن الجندي اضطر لاصطياد الشمبانزي للحصول على الطعام عندما كان في الغابة النائية حول مولوندو في الكاميرون في عام 1916.
في مقابلة حصرية مع الصحيفة، كشف البروفيسور بيبين كيف ساعد الاستعمار والجوع والدعارة في خلق وباء الإيدز الذي لا يزال مستمرا حتى الآن.
وقال البروفيسور بيبين: "خلال الحرب العالمية الأولى، كان لألمانيا عدد من المستعمرات في أفريقيا وقررت قوات الحلفاء غزو هذه المستعمرات، التي كان أحدها الكاميرون، وخلال غزو الكاميرون من 5 اتجاهات، من قِبل مجموعة من الجنود البريطانيين والبلجيكيين والفرنسيين، سلكت احدى فرق الغزو المكونة من 1600 جندي طريقا عبر منطقة ليوبولدفل حتى نهر الكونغو ورافده نهر سانجر، قبل الوصول إلى الوجهة النهائية في الكاميرون".
ويعتقد بيبين أن هذا المسار أخذهم إلى مدينة نائية في مولوندو، وهو الموقع الذي تكهنت الدراسات السابقة بأنه كان موقع أول إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
وشرح البروفيسور: "قضى الجنود 3-4 أشهر في مولوندو قبل أن يتقدموا، وعندما كانوا هناك، لم تكن المشكلة الرئيسية هي رصاص العدو، بل المجاعة".
وكان السكان الأصليين في منطقة جنوب شرق الكاميرون بأكملها في عشرينات القرن العشرين حوالي 4000 نسمة يعيشون على نبات الكاسافا وغيره من المحاصيل ولحوم الحياة البرية، وفر هؤلاء الأشخاص عندما وصل الجنود بسبب سمعتهم الوحشية في ذبح سكان المدن واغتصاب النساء بلا رحمة، ونتيجة لذلك، سرعان ما نفد الطعام من الجنود وكانوا يعتمدون على الإمدادات المرسلة عن طريق النهر من برازافيل ولووبولد.
وأدت الصعوبات اللوجستية إلى مجاعة جماعية وأجبرت الجنود على المغامرة في الغابة للبحث عن أي شيء يمكن أكله.
وقال البروفيسور: "ارتفع معدل الصيد في تلك المنطقة بقدر كبير خلال هذه الأشهر القليلة، واعتقد أن أحد الجنود قد أصيب بالعدوى أثناء الصيد، حيث كان لديه جرح مفتوح تلطخ بعد ذلك بدماء شمبانزي مصاب بفيروس نقص المناعة السيمياني، مما نقل العدوى للجندي".
وأضاف: "في نهاية المطاف، عاد الجندي بعد الحرب على طول الطريق إلى ليوبولد وربما في نشر عدوى الايدز، والتي انتشرت ببطء بين السكان المحليين في البداية وظل محصورا فيما كان آنذاك عاصمة المستعمرة البلجيكية".
انتقلت العدوى إلى حوالي 500 شخص في أوائل الخمسينات، وكان انتشار فيروس نقص المناعة البشرية في هذه المرحلة مدفوعاً أساساً بإعادة استخدام الإبر القذرة في المستشفيات، نتيجة لنقص الموارد ومحدودية قدرات التطهير.
وفي عام 1960، تحررت منطقة الكونغو عن الاستعمار الأوروبي، مما أدى إلى تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى المدينة، حاملين معهم العدوى، حيث ساهم الفقر وانتشار البغاء في انتشار الفيروس، وفي نهاية المطاف انتقل الفيروس إلى الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم، حيث كان ينتشر بين الرجال مثلي الجنس ومتعاطي المخدرات.
أبانوب سامي