تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
أنسولين
أنسولين

الإنسولين قابل للتخزين بدون تبريد.. حتى في الأجواء الحارة!

2021-02-15

يحتاج مرض السكري نمطاً دقيقاً جداً من العلاج اليومي حيث يتوجب على المرضى حقن أنفسهم بعدة جرعات من الإنسولين كل يوم، بما يتناسب مع نظامهم الغذائي ونشاطهم البدني. لذلك يتوجب عليهم الاحتفاظ بمخزون من الإنسولين، والذي يحتاج وفقاً للإجراءات الصيدلانية المتبعة البقاء مبرَّداً من الإنتاج حتى الحقن. إلا أنه في بعض مناطق العالم مثل إفريقيا جنوب الصحراء، لا يتوفر براد في كل بيت، وهذا يضطر الناس المصابين بالسكري للذهاب إلى المستشفى بشكل يومي. ولمواجهة هذه المشكلة، تعاونت أطباء بلا حدود مع جامعة جنيف بسويسرا لاختبار تخزين الإنسولين في ظروف واقعية، أي ضمن درجات حرارة تتراوح بين 25 درجة مئوية و37 درجة مئوية لمدة أربعة أسابيع.  وينسجم هذا مع الوقت الذي يستغرقه مريض السكري لإكمال قارورة الإنسولين. وتُبين هذه النتائج التي نُشرت في مجلة (PLOS ONE) أن ثبات الإنسولين المخزَّن ضمن هذه الظروف هو ذاته كما في الإنسولين المخزَّن مبرَّداً، دون تأثير على الفعالية. ويتيح هذا للناس المصابين بالسكري تدبير مرضهم بدون الاضطرار لزيارة المستشفى عدة مرات في اليوم. 

يتميز مرض السكري من النمط الأول بمعدلات مرتفعة من السكر في الدم، والذي من شأنه أن يسبب عواقب خطيرة للغاية: كالغيبوبة أو العمى أو البتر أو حتى الموت. وبالرغم من أنه بات ممكناً الآن علاج السكري من النمط الأول بشكل جيد، فهو يتطلب حقن إنسولين يومية، تساعد السكر على الدخول إلى خلايا الجسم. وتوضح د. فيليبا بولي، وهي خبيرة في الأمراض غير المنقولة في أطباء بلا حدود: "تتطلب الإجراءات الصيدلانية المتبعة الحالية أن تُخَزَّن قوارير الإنسولين بين درجة حرارة 2 إلى 8 مئوية لحين فتحها، وبعد الفتح يمكن تخزين معظم الإنسولين البشري بدرجة حرارة 25 مئوية لأربعة أسابيع". وتضيف: "وهذه بلا ريب مشكلة في مخيمات اللاجئين حيث تكون درجات الحرارة أعلى من هذه، ولا توجد لدى الأسر برادات". لذلك يضطر مرضى السكري في الغالب للذهاب إلى المستشفى كل يوم للحصول على حقن الإنسولين، الأمر الذي قد يمنعهم من العمل أو يضطرهم للسفر مسافات طويلة. وتضيف د. بولي: "توجَّهنا إلى فريق البروفيسور ليوناردو سكابوزا للقيام بتحليل مفصل لظروف درجة الحرارة التي يمكن أن يخزَّن بها الإنسولين بدون تقليل فعاليته". 

الظروف الواقعية

وجد فريق أطباء بلا حدود في مخيم داغاهالي بشمال كينيا أن درجة الحرارة في البيوت تتراوح ما بين 25 درجة مئوية ليلاً و 37 درجة مئوية خلال النهار. ثم قام الباحثون باستنساخ هذه الظروف بعناية ودقة في بيئة مختبرية، حيث قاموا باختبار تخزين الإنسولين. ويشرح ليوناردو سكابوزا، الأستاذ في قسم العلوم الصيدلانية في كلية العلوم بجامعة جنيف: "حيث أن قوارير الإنسولين يمكن أن تُستخدم لأربعة أسابيع بعد الفتح، أجرينا قياساتنا على مدة زمنية مماثلة، في البداية جربنا على قوارير تركناها في ذات درجات الحرارة الموجودة في داغاهالي، ثم على قوارير ’ضبط‘ مبرَّدة". وقد استخدم فريق جامعة جنيف الفصل اللوني للسوائل تحت ضغط مرتفع لتحليل الإنسولين. "عامل الخطر هو أن يترسَّب الإنسولين (وهو بروتين) تحت تأثير الحرارة. بعبارة أخرى، أن يبدأ بتشكيل ’صفيحات‘. وإذا ما لم يَعُدِ الإنسولين سائلاً، فلن يمكن حقنه". 

لا فارق بين طريقتي التخزين

تُظهر نتائج البحث أن جميع مستحضرات الإنسولين المخزنة في درجات حرارة متقلبة، كتلك التي تكون في الميدان، سجَّلت خسارة في الفعالية لا تزيد على 1 في المئة تماماً كتلك المحفوظة مبرَّدة خلال الأسابيع الأربعة المطلوبة. ويقول البروفيسور سكابوزا: "تسمح القوانين الناظمة للمستحضرات الصيدلانية بخسارة حتى 5 في المئة، أي أننا دون تلك العتبة بنسبة كبيرة".

كما لاحظ باحثو جامعة جنيف أن الإنسولين احتفظ بنشاطه بالكامل. وللتحقق من هذا، قاموا بفحص عمل بروتينات الإنسولين على الخلايا، مقارنة ببروتينات الإنسولين التي تم تعطيلها عمداً. ويضيف البروفيسور سكابوزا: "أخيراً، وبمساعدة مجموعة البروفيسور مايكل أنجلو فوتي، درسنا قوارير الإنسولين التي أتت مباشرة من مخيم داغاهالي، وتوصلنا لذات النتيجة دائماً: كان الإنسولين قابلاً للاستعمال بشكل مثالي".

نتائج قد تغير الحياة اليومية لآلاف الناس

أظهرت هذه الدراسة العلمية للمرة الأولى أن قوارير الإنسولين يمكن أن تستخدم لأربعة أسابيع حتى في الجو الحار بدون تبريد. وأفادت د. بولي قائلة: "يمكن لهذه النتائج أن تكون منطلَقاً لتغيير ممارسات تدبير السكري في الظروف قليلة الموارد، حيث لن يكون على المرضى الذهاب إلى المستشفى كل يوم من أجل حقن الإنسولين". إضافة إلى ما سبق، لن يتعرض المصابون بالسكري للتمييز بعد ذلك وسيصبح بمقدورهم عيش حياة طبيعية والعمل. وتضيف د. بولي: "طبعاً، ينبغي أن يتم هذا بالتزامن مع تثقيف المرضى، وتقديم الدعم والمتابعة، بحيث يتمكن مرضى السكري من قياس مستويات السكر في دمهم وحقن أنفسهم بالمقدار المناسب من الإنسولين. وسيتيح هذا للناس التعامل مع مرضهم بالشكل الصحيح وعلى نحو أكثر استقلالية. ودعماً لهذا الهدف نأمل أن يصدُر بيان باتفاق الآراء، يركز على استخدام الإنسولين في البيوت في الظروف مرتفعة الحرارة حيث لا يتوفر التبريد، وأن يُصادَق عليه من قبل منظمة الصحة العالمية".

صحة رشاقة أنسولين مرض علاج

احدث المقالات