ديل يوست، مدرسٌ يعمل في أبو ظبي، شَعَر بحكة مفاجئة في جميع أنحاء جسده، إلا أنه لم يَشُكَّ، ولو لدقيقة واحدة، أن هذه الحكة لا يمكن أن تزيد عن أن تكون مشكلة جلدية بسيطة، لا أكثر. ظَنَّ المقيم البالغ من العمر 66 عامًا أن أقراص الدواء والكريمات التي وصفها طبيب الأمراض الجلدية ستحل المشكلة. ولكن عندما استمر شعوره بالحكة، بدأ يَنْتَابُه القلق.
ففحوصات الدم، والفحوصات الأخرى التي أجراها، في أول مستشفى زاره، حين بدأ يشعر بتلك الأعراض، أظهرت أنه كان يعاني من سرطان المرارة، وسرطان القناة الصفراوية.
يقول ديل: "قد يبدو غريباً أن تكون الحكة علامة من علامات الإصابة بالسرطان. حيث يمكن لفحوصات الدم، والفحوصات الشعاعية، أَنْ تُبِيِّن أَنَّ قنواتي الصفراوية كانت مسدودة، وبالتالي كانت العصارة الصفراوية تتراكم كلُّها في جسمي، وتسبب اليرقان والحكة. حاول الأطباء مرتين وضع دعامات حتى تتدفق العصارة الصفراوية إلى الأمعاء الدقيقة مرة أخرى، ولكن لم يحالفهم الحظ".
ويقول أيضاً أنهم جربوا بعد ذلك عملية تصريف العصارة الصفراوية، وهي عملية يتم فيها تجميع الصفراء في جراب خارج الجسم. "كنت أحمل هذا الجراب على جسدي، لمدة أسبوعين، قبل أن يوصي ذلك المستشفى الذي زرته سابقاً بأن أنتقل إلى مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" لإجراء هذه الجراحة المعقدة لاستئصال السرطان."
الدكتور نفيد أحمد، جراح الكبد والبنكرياس والقنوات الصفراوية، في معهد أمراض الجهاز الهضمي، بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، جزء من مبادلة للرعاية الصحية، كان الطبيب الذي عالج ديل، مع فريق طبي متعدد التخصصات من الأطباء وأخصائيي التغذية، وممرضي العناية بالجروح، في شهر نوفمبر، من سنة 2020. يقول الدكتور أحمد إنهم نجحوا في محاولتهم لتنظيف القنوات الصفراوية المسدودة، وتخفيف أعراض اليرقان باستخدام الدعامات. حيث كان ضرورياً أن يأخذوا بهذا النهج الطبي لكي يواصلوا علاج ديل، واستئصال السرطان من كبده.
ولكي يعالج ديل من هذا السرطان، كان على الفريق الطبي، أن يُجْري عملية جراحية يستأصل فيها الجزء الأوسط من الكبد، حيث اضْطُرَّ الأطباءُ أن يستأصلوا القناة الصفراوية والمرارة كاملةً، وأن يستأصلوا ثلاثة أرباع كبده كذلك.
"حوالي 90 بالمائة من سرطانات المرارة غير قابلة للاستئصال، لذا فإن علاج ديل بهذه الجراحة هو إجراءٌ طبيٌّ غير شائع. وإجراء هذه الجراحة يتطلب توافر الكثير من القدرات الفنية، ويتطلب كذلك فريقاً طبياً ذا خبرةٍ واسعةٍ في الأشعة التداخلية، وفي التنظير الباطني المتقدم، وفي أمراض الجهاز الهضمي، وفي العناية بالجروح ورعايتها."
ويشرح الدكتور أحمد هذا الأمر، قائلاً إن استئصال جزء كبير من الكبد، هو قرارٌ طبيٌّ لا يؤخذ إلا في حالاتٍ قليلةٍ نادرةٍ.
"إذا كان الورم على أطراف الكبد، فأنت لست بحاجةٍ إلا إلى استئصال الجزء المصاب فقط. أما الأورام السرطانية التي تصيب الأجزاء الوسطى من الكبد، فتُحَتِّمُ علينا أن نستأصل أيضاً الجزء الصحيح من الكبد لمنع انتشار السرطان فيه."
الكبد هو العضو الوحيد في جسم الإنسان القادر على أن يجدد نفسه بنفسه. لكن الدكتور أحمد يقول إن ذلك التجديد يعتمد على مقدار ما يمكن إنقاذه من الكبد.
"فإذا كان الجزء المتبقي من الكبد صغيراً، مقارنةً بحجم المريض، فقد يؤدي هذا إلى الوفاة. ولكن في حالة ديل، كان السرطان قد انتشر خارج الكبد، ومن ثَمَّ، لم تكن زراعة كبد جديد خياراً مطروحاً أيضاً. إلا أن الحظَّ كان حليفنا، إذ استطعنا أن نحافظ على جزء صحي، وهذا يَسَّر لنا إنقاذ كبده".
إن الفحوصات التي أجريت على كبد ديل، أظهرت أن كبده قد نما إلى الحجم الطبيعي، ويؤدي وظائفه بمستوى
مثالي. ويخضع ديل الآن للعلاج الكيميائي، لمداواة السرطان المنتشر في غدده الليمفاوية.
يخطط ديل، وهو أَبٌ لثلاثة أبناء، وجد لعشرة أحفاد، للتقاعد في نهاية هذا العام. يقول ديل إن عائلته اقترحت عليه، في وقت سابق، أن يعود إلى وطنه كندا، لتلقي العلاج.
يقول ديل، مختتماً قصة علاجه: "لو حدث هذا في دياري، كنت سأتجنب زيارة الطبيب، إذ كنت سأنتظر وقتاً طويلاً لحجز موعد. إلاَ أن الرعاية الصحية في أبوظبي متفوقة، ولا سيما الرعاية الصحية التي تقدمها مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" على وجه الخصوص. فما أن تدخل من باب المستشفى، إلا وتجد بجانبك فريقاً متكاملاً من الأطباء والجراحين وأخصائيي التغذية وممرضات العناية بالجروح، يبذلون أقصى ما في وسعهم لمساعدتك على الشفاء والتعافي".